كم كان عمر الرسول عندما توفي؟ وما علامات اقتراب أجل النبيّ؟ كانت من أكثر المواقف المُحزنة على المسلمين جميعًا، فحينئذٍ مات من كان قرآنًا يمشي على الأرض، ولكن المؤمنين الصادقين عزموا على أن يحملوا رسالة النبيّ من بعده، فكان الخلفاء الراشدين والصحابة والتابعين أشد حرصًا على رفع راية الإسلام، وفيما يلي يسعنا أن نذكر أحداث وفاة النبيّ صلى الله عليه وسلم.

كم كان عمر الرسول عندما توفي

لم يتفق الفقهاء في تحديد عمر النبيّ –صلى الله عليه وسلم- عند وفاته، فقيل إنه توفي في عمر 63 عام، وفي حديث آخر ذكر أنه توفي في عمر 65 عام، وورد أنه توفي وهو يبلغ من العمر 60 عام، إلا أن الأرجح هو أنه توفي في عمر 63 عام، على حد قول الإمام النووي.. لأن الثلاثة أقوال جاءت في صحيح البخاري.

أما عن تاريخ الوفاة فكان في 12 من ربيع الأول في يوم الاثنين الموافق 11 هجريًا و633 ميلاديًا في شهر يونيو، على أن وفاته كانت في المدينة المنورة، كان –صلى الله عليه وسلم- في حجر السيدة عائشة –رضي الله عنها- كما ثبت في أكثر من حديث.. وبذلك نكون قد استوفينا الإجابة على سؤال كم كان عمر الرسول عندما توفي.

مرض النبيّ قبل موته

يُذكر أن أشرف الخلق –صلى الله عليه وسلم- قد مرض مرضًا شديدًا قبل أن يحين أجله، فقد أصيب بصداع في رأسه آلمه بشدة، وحينما كان الألم لا يُحتمل استأذن من زوجاته أن يقضي تلك الفترة عند السيدة عائشة، فقد كانت الأقرب إلى قلبه –رضي الله عنها- وبعد أن أخذه عليّ بن أبي طالب إلى حجرتها.

استمر هنالك حين الوفاة، على أنه قبل وفاته –صلى الله عليه وسلم- بما يقرب من 5 أيام قد شعر بارتفاع حرارة جسده، الأمر الذي استتبعه شدة الألم والمرض.. إلى الحد الذي جعله يخطب بالناس في صلاة الظهر وهو جالس على المنبر.

كما ذكرنا كم كان عمر الرسول عندما توفي نذكر أن أشرف الخلق قد صلى بالناس كافة الصلوات إلى قبل وفاته بأربع أيام، وعندما اشتد عليه المرض تمامًا في ليلة الخميس عند صلاة العشاء أمر أبي بكر أن يصلي بالناس بدلًا منه.

هذا ما نستدل عليه في الحديث الشريف في صحيح البخاري عن عائشة –رضي الله عنها- قالت: “ثَقُلَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فَقَالَ: أصَلَّى النَّاسُ؟ قُلْنَا: لَا، هُمْ يَنْتَظِرُونَكَ، قَالَ: ضَعُوا لي مَاءً في المِخْضَبِ. قَالَتْ: فَفَعَلْنَا، فَاغْتَسَلَ، فَذَهَبَ لِيَنُوءَ فَأُغْمِيَ عليه، ثُمَّ أفَاقَ.. (ثلاث مرات)…

… فَقَالَ: أصَلَّى النَّاسُ؟ فَقُلْنَا: لَا، هُمْ يَنْتَظِرُونَكَ يا رَسولَ اللَّهِ، والنَّاسُ عُكُوفٌ في المَسْجِدِ، يَنْتَظِرُونَ النبيَّ عليه السَّلَامُ لِصَلَاةِ العِشَاءِ الآخِرَةِ، فأرْسَلَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ إلى أبِي بَكْرٍ بأَنْ يُصَلِّيَ بالنَّاسِ، فأتَاهُ الرَّسُولُ فَقَالَ: إنَّ رَسولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَأْمُرُكَ أنْ تُصَلِّيَ بالنَّاسِ، فَقَالَ أبو بَكْرٍ – وكانَ رَجُلًا رَقِيقًا -: يا عُمَرُ صَلِّ بالنَّاسِ، فَقَالَ له عُمَرُ: أنْتَ أحَقُّ بذلكَ، فَصَلَّى أبو بَكْرٍ تِلكَ الأيَّامَ…

… ثُمَّ إنَّ النبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ وجَدَ مِن نَفْسِهِ خِفَّةً، فَخَرَجَ بيْنَ رَجُلَيْنِ -أحَدُهُما العَبَّاسُ- لِصَلَاةِ الظُّهْرِ وأَبُو بَكْرٍ يُصَلِّي بالنَّاسِ، فَلَمَّا رَآهُ أبو بَكْرٍ ذَهَبَ لِيَتَأَخَّرَ، فأوْمَأَ إلَيْهِ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بأَنْ لا يَتَأَخَّرَ، قَالَ: أجْلِسَانِي إلى جَنْبِهِ، فأجْلَسَاهُ إلى جَنْبِ أبِي بَكْرٍ، قَالَ: فَجَعَلَ أبو بَكْرٍ يُصَلِّي وهو يَأْتَمُّ بصَلَاةِ النبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، والنَّاسُ بصَلَاةِ أبِي بَكْرٍ، والنبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ قَاعِدٌ“.

علمنا كم كان عمر الرسول عندما توفي، كما نشير إلى أن السيدة عائشة حين إقامة الرسول عندها قبل وفاته كانت تقرأ ما حفظته من القرآن والأدعية، فكانت تنفث على نفسه وتمسح بيده أملًا في البركة والشفاء.

اقتراب أجل النبي صلى الله عليه وسلم

علمنا كم كان عمر الرسول عندما توفي وبقي لنا أن نعلم علامات اقتراب أجله كما جاء في الأحاديث النبوية الشريفة، حيث روت السيدة عائشة –رضي الله عنها- أن السيدة فاطمة –رضي الله عنها- جاءت إلى النبي فأجلسها جانبه، وأخبرها باقتراب أجله، هذا ما تبين في الحديث الشريف:

إنَّا كُنَّا أزْوَاجَ النبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ عِنْدَهُ جَمِيعًا، لَمْ تُغَادَرْ مِنَّا واحِدَةٌ، فأقْبَلَتْ فَاطِمَةُ عَلَيْهَا السَّلَامُ تَمْشِي، لا واللَّهِ ما تَخْفَى مِشْيَتُهَا مِن مِشْيَةِ رَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فَلَمَّا رَآهَا رَحَّبَ قَالَ: مَرْحَبًا بابْنَتي ثُمَّ أجْلَسَهَا عن يَمِينِهِ أوْ عن شِمَالِهِ، ثُمَّ سَارَّهَا، فَبَكَتْ بُكَاءً شَدِيدًا، فَلَمَّا رَأَى حُزْنَهَا سَارَّهَا الثَّانِيَةَ، فَإِذَا هي تَضْحَكُ…

… فَقُلتُ لَهَا أنَا مِن بَيْنِ نِسَائِهِ: خَصَّكِ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بالسِّرِّ مِن بَيْنِنَا، ثُمَّ أنْتِ تَبْكِينَ، فَلَمَّا قَامَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ سَأَلْتُهَا: عَمَّا سَارَّكِ؟ قَالَتْ: ما كُنْتُ لِأُفْشِيَ علَى رَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ سِرَّهُ…

… فَلَمَّا تُوُفِّيَ، قُلتُ لَهَا: عَزَمْتُ عَلَيْكِ بما لي عَلَيْكِ مِنَ الحَقِّ لَمَّا أخْبَرْتِنِي، قَالَتْ: أمَّا الآنَ فَنَعَمْ، فأخْبَرَتْنِي، قَالَتْ: أمَّا حِينَ سَارَّنِي في الأمْرِ الأوَّلِ، فإنَّه أخْبَرَنِي: أنَّ جِبْرِيلَ كانَ يُعَارِضُهُ بالقُرْآنِ كُلَّ سَنَةٍ مَرَّةً، وإنَّه قدْ عَارَضَنِي به العَامَ مَرَّتَيْنِ، ولَا أرَى الأجَلَ إلَّا قَدِ اقْتَرَبَ، فَاتَّقِي اللَّهَ واصْبِرِي” صحيح البخاري.

كما أن هناك حديث آخر رواية معاذ بن جبل –رضي الله عنه- حينما بعثه الرسول إلى اليمن وخرج معه، يدل على أن الرسول في ذلك الوقت قد اقترب أجله، فقال: “يا معاذُ إنَّك عسى ألَّا تَلقاني بعدَ عامي هذا لعلَّك أنْ تمُرَّ بمسجدي وقبري“.

كما أن العرباض بن سارية ذكر أن الرسول –صلى الله عليه وسلم- ذات يوم أقبل عليهم وأعطاهم حكمة جعلت أعينهم تنهمر من البكاء، إلى أن قال قائل منهم أنها الحكمة والموعظة التي أتت في وقت الوداع، فقد تعهد إليهم الرسول بتقوى الله، وفعل الطاعات.

احتضار النبي

في ضحى يوم الاثنين، كان النبيّ بجوار السيدة عائشة، فجائته سكرات الموت، وقد شعر بها وهو يرفع إصبعه ويُشخص بصره إلى أعلى، وقد سمعته السيدة عائشة وهو يدعو الله أن يغفر له ويُلحقه بالرفيق الأعلى ويكرر الدعاء ثلاثة مرات، حتى وافته المنيّة.

قبل ساعات من وفاة النبي قد طلب حضور ابنته السيدة فاطمة، وأسر إليها مرتين، أولاهما جعلها تبكي، لأنه أخبرها بأنه سيموت، والثانية جعلها تضحك فرحًا لأنه أخبرها بأنها من أول أهل البيت لحاقًا به، كما أنها سيدة نساء العالمين، فاستبشرت خيرًا.. وبعدها دعا أحفاده الحسن والحسين فقام بتقبيلهما، ودعا نسائه جميعًا وقام بوعظهنّ، وتوفيّ أشرف الخلق.

يُذكر أن النبيّ تم تغسيله بثيابه، وتم تكفينه في ثوب نجرانيّ وثوبين آخرين، ودفنه أربعة من أصحابه في حجرته، في المكان ذاته الذي قُبضت فيه روحه الطاهرة، كان ذلك في ليلة الأربعاء.

عندما توفي الرسول صلى الله عليه وسلم صلّى المسلمون عليه الجنازة فرادى، فلم يؤمهم أحد، وكان يوم وفاته شديد الحزن في نفوس المسلمين جميعًا لاسيما الصحابة.