كيف يحقق الإنسان تقوى الله؟ وما أهمية تحقيقها في نفس الإنسان؟ وهل هناك صفات تميز الإنسان التقي عن غيره؟ وما ثواب تحقيق التقوى عند الله؟ تتردد تلك الأسئلة على أذهان الكثير ممن يرغبون في التقرب إلى الله تعالى واتقائه، لكنهم لا يعرفون كيفية القيام بذلك، لذا يبحثون عن إجابات تلك الأسئلة للتعرف بشكل أعمق وأوضح على التفاصيل المتعلقة بها.

كيف يحقق الإنسان تقوى الله

تُعد تقوى الله من الصفات الهامة التي يجب أن تتواجد في كل إنسان، وقد أمر الله بها بشكل واضح في آيات كتابه الكريم، من قوله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُون الآية 102 من سورة آل عمران.

إذا لم يعرف كيف يحقق الإنسان تقوى الله يبحث عن كيفية ذلك ويطبقه في حياته بشكل فعلي، لا أن يستمع إلى الحديث عن تقوى الله وينوي تغيير نفسه إلى الأفضل فحسب، خاصةً أن القيام بذلك لا يتطلب سوى القيام ببعض الأشياء البسيطة، والتي تتمثل فيما يلي:

  • تجنب فعل الشبهات والمحرمات، والقيام بالواجبات، وهي أعلى درجة من درجات التقوى، وقد جاء الدليل على ذلك في قوله تعالى: ذَٰلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ ۛ فِيهِ ۛ هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ* الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ* وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنزِلَ مِن قَبْلِكَ وَبِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ الآية 2-4 سورة البقرة.
  • خشية الإنسان من الله سواء في السر أو العلن، حيث يوجد الكثير ممن يُظهرون أنفسهم متقين الله أمام الناس، لكنها ليست حقيقتهم في السر، وبذلك فإنهم لا يتصفون بتقوى الله.
  • ذكر الله عز وجل وشكره طوال الوقت.
  • الالتزام بالابتعاد عن المحرمات واتباع أوامر الله تعالى ورسوله عليه الصلاة والسلام حتى الموت، مع جهاد النفس ومحاربتها حتى الاستقامة، من قوله تعالى: “وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ الآية 153 من سورة الأنعام.
  • المحافظة على الفرائض والصلاة في أوقاتها، مع الإكثار من النوافل.
  • تجنب الاتصاف بالأخلاق الذميمة والخشية من عذاب الله.
  • الموازنة بين حاجات النفس والجسد، وبين ما أمر به الله وعبادته، حيث يوجد العديد ممن ينهمكون في عبادة الله وطاعته بشكل كبير فينعزلون عن الناس تمامًا، لكن ليس ذلك ما أمر الله به، بل يجب تأدية حقوق كل من الجسد والنفس، وقد أكد الدين الإسلامي على ذلك بأنه دين رحمة واعتدال.
  • التعرف على سير المؤمنين المتقين، حي يؤدي ذلك إلى تعزيز حب الصفة في القلب، وزيادة الرغبة بفعل مثلما كانوا يفعلون.

فضل تحقيق تقوى الله

بعد التعرف على إجابة السؤال “كيف يحقق الإنسان تقوى الله” يجدر بالذكر أن هناك العديد من الثمرات التي يُمكن للإنسان أن يحصدها بعد قيامه بذلك، وقد جاء الدليل على كل فائدة من فوائد تقوى الله في آيات قرآنية واضحة ومنزلة في كتاب القرآن الكريم، وهي الموضحة تفصيلًا في السطور التالية:

  • النجاة من العذاب في الآخرة، من قوله تعالى: وَيُنَجِّي الله الَّذِينَ اتَّقَوا بِمَفَازَتِهِمْ لا يَمَسُّهُمُ السُّوءُ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ الآية 61 من سورة الزمر.
  • قبول الأعمال والعبادات في الحياة الدنيا، وبالتالي سيفلح في حياته الدنيا والآخرة، من قوله تعالى: فَاتَّقُواْ الله يَا أُوْلِي الأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ الآية 100 من سورة المائدة.
  • تحصين الإنسان من مكائد الشيطان، وبالتالي الابتعاد عن النواهي، والفوز في الحياة الدنيا والآخرة، من قوله تعالى: أَلا إِنَّ أَوْلِيَاءَ الله لاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ* الَّذِينَ آمَنُواْ وَكَانُواْ يَتَّقُونَ* لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَياةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ لاَ تَبْدِيلَ لِكَلِمَاتِ الله ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ” الآية 62 من سورة يونس.
  • العون من الله في الدنيا والآخرة والفوز في كلا منهما، والتوفيق في الدنيا وتيسير الأمور، ورؤية الله تعالى يوم القيامة، من قوله تعالى: “إِنَّ المتقين فِي جَنَّاتٍ وَنَهَرٍ* فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِندَ مَلِيكٍ مُّقْتَدِرٍ” الآية 45-55 من سورة القمر.
  • حل المشاكل وفك الكرب والضيق، من قوله تعالى: “وَمَن يَتَّقِ الله يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا* وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ” الآية 2-3 من سورة الطلاق.
  • الهداية إلى الله وتكفيره عن ذنوب العبد، والاتعاظ بالآيات، من قوله تعالى: “هَذَا بَيَانٌ لِّلنَّاسِ وَهُدًى وَمَوْعِظَةٌ لِّلْمُتَّقِينَ” الآية 138 من سورة آل عمران.
  • ابتعاد الشرور وضياع الأمانة عن العبد التقي، من قوله تعالى: “وَلْيُمْلِلِ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ وَلْيَتَّقِ اللَّهَ رَبَّهُ وَلَا يَبْخَسْ مِنْهُ شَيْئًا” من الآية 282 من سورة البقرة.
  • تعظيم شعائر الله وحفظ خطابه وأوامره، من قوله تعالى: “ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ” الآية 32 من سورة الحج.
  • الاستمتاع برحمة الله تعالى التي وسعت كل شيء، ونزول الكثير من البركة والخير من السماء إلى الأرض، من قوله تعالى: “وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالَّذِينَ هُم بِآيَاتِنَا يُؤْمِنُونَ” الآية 156 من سورة الأعراف.
  • الهدى من عند الله إلى الطريق الصحيح والابتعاد عن طريق الضلال، وكذلك نزع الحزن والهم من القلب، من قوله تعالى: “فَمَنِ اتَّقَى وَأَصْلَحَ فَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ” الآية 35 من سورة الأعراف.
  • إحاطة العبد بالأمان ونزع الشعور بالخوف من الأعداء نتيجة المساعدة من الله عز وجل، من قوله تعالى: “وَإِن تَصْبِرُواْ وَتَتَّقُواْ لاَ يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا إِنَّ الله بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ” الآية 120 من سورة آل عمران.
  • دخول الجنة والاستمتاع بكل ما فيها من نعم وخيرات، والاستقرار في الدرجات العالية منها، من قوله تعالى: “جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ لَهُمْ فِيهَا مَا يَشَآؤُونَ كَذَلِكَ يَجْزِي الله الْمُتَّقِينَ” الآية 31 من سورة النحل.
  • الحصول على مكانة عالية عند الله يوم القيامة، من قوله تعالى: “زُيِّنَ لِلَّذِينَ كَفَرُواْ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَيَسْخَرُونَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُواْ وَالَّذِينَ اتَّقَواْ فَوْقَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالله يَرْزُقُ مَن يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ” الآية 212 من سورة البقرة.

صفات الإنسان التقي

إذا علم الإنسان كيف يحقق تقوى الله سيلاحظ ظهور صفات جديدة في شخصيته لم تكن موجودة من قبل، حيث يوجد العديد من الصفات التي يتصف بها المتقين بشكل خاص وتميزهم عن غيرهم، وهي المذكورة فيما يلي:

  • الإيمان بالله تعالى وملائكته وكتبه ورسله، وإنفاق المال على الأقرباء، واليتامى، والمساكين، والمسافرين، والسائلين، وإعتاق الرقاب، والوفاء بالعهد، وقد جاء الدليل على أن تلك الصفات من أبرز صفات المتقين بشكل واضح وصريح في قوله الله تعالى: لَّيْسَ الْبِرَّ أَن تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَـٰكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّـهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَىٰ حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَىٰ وَالْيَتَامَىٰ وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ أُولَـٰئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَـٰئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ الآية 177 من سورة البقرة.
  • الإعلان عن الإيمان بالله عز وجل، وعدم التكبر على غيرهم بسبب ما يفعلونه من عبادات، حيث إنها شيء بين العبد وربه، وليست مادة للغرور والتكبر على الآخرين.
  • الصبر على طاعة الله والتوسل إليه رغبةً في الحصول على مغفرته، وصدق النية في القيام بذلك، فالله الوحيد الذي يعلم بالنوايا ويرى ما إذا كانت صادقة أم لا، والدليل على أن تلك الصفات من صفات المتقين هو قوله تعالى في ذكر جزاء المتقين: الصَّابِرِينَ وَالصَّادِقِينَ وَالْقَانِتِينَ وَالْمُنفِقِينَ وَالْمُسْتَغْفِرِينَ بِالْأَسْحَارِ الآية 17 من سورة آل عمران.
  • الإحسان إلى الله وإلى العباد في الأعمال، وصلاة قيام الليل والاستغفار في وقت السحر، والدليل على ذلك في قوله تعالى: إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ* آخِذِينَ مَا آتَاهُمْ رَبُّهُمْ إِنَّهُمْ كَانُوا قَبْلَ ذَلِكَ مُحْسِنِينَ* كَانُوا قَلِيلاً مِّنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ* وَبِالأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ* وَفِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ لِّلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ الآية 15-19 من سورة الذاريات.
  • الإنفاق في اليسر والعسر، وكتم الغيظ، والصبر على الإساءة، والعفو عنها وقت المقدرة، والدليل على أن هذا من صفات المتقين جاء في قول الله تعالى: الَّذِينَ يُنفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّـهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ الآية 134 من سورة آل عمران.
  • الإيمان بالغيب، وإقامة الصلاة، والإنفاق مما رزقهم به الله، والاهتداء بالقرآن، واليقين بأن هناك ما يُسمى بيوم الآخرة، والدليل على ذلك قوله تعالى: ذَٰلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ ۛ فِيهِ ۛ هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ* الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ* وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنزِلَ مِن قَبْلِكَ وَبِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ الآية 2-4 سورة البقرة.

كلما تمكن الإنسان من تقوى الله بشكل أكبر زاد تقربه منه وتعلقه به، لذا يجب على كل إنسان أن يعمل على جعل نفسه يتقي الله في كل الأمور التي تتعلق به في الحياة.