ما حكم تناجي الإثنين دون الثالث؟ وما عواقب مثل هذا التصرف على العلاقات؟ قد يفسر التناجي بين اثنين بأنه كراهية للطرف الثالث، مما يجعله يشعر بأنه منبوذ ولا يحبه أحد، ولأن الدين الإسلامي دين سماحة، فقد وضع الإسلام مجموعة قواعد وأخلاقيات، يجب أن يلتزم بها المرء المسلم كي يحيا حياة طيبة، ويكافئ بنعيم الجنة كما وعد الله عباده المتقين، وذلك ما سنناقشه في هذا الموضوع.

ما حكم تناجي الإثنين دون الثالث

قد نهى الدين الإسلامي عن التناجي بين اثنان دون الثالث ويوجد العديد من الأدلة من القرآن والحديث على ذلك ومنهم ما يلي:

  • روي عن عبد الله بن مسعود أن (إذا كُنْتُمْ ثَلاثَةً فلا يَتَناجَى اثْنانِ دُونَ الآخَرِ، حتَّى تَخْتَلِطُوا بالنَّاسِ مِن أجْلِ أنْ يُحْزِنَهُ).
  • كما روي عن عبد الله بن عمر (إذا كانُوا ثَلاثَةٌ، فلا يَتَناجَى اثْنانِ دُونَ الثَّالِثِ).
  • قال الله تعالى في سورة المجادلة (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَنَاجَيْتُمْ فَلَا تَتَنَاجَوْا بِالْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَمَعْصِيَتِ الرَّسُولِ وَتَنَاجَوْا بِالْبِرِّ وَالتَّقْوَىٰ ۖ وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ)
  • وفي نفس السورة قد ذكر الله النجوى وربطها بالشيطان لتوضيح مدى الضرر الناجم عنها في قوله تعالى (إِنَّمَا النَّجْوَىٰ مِنَ الشَّيْطَانِ لِيَحْزُنَ الَّذِينَ آمَنُوا وَلَيْسَ بِضَارِّهِمْ شَيْئًا إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ ۚ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ)
  • جعل الله التناجي من بين صفات المنافقين في قوله تعالى (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ نُهُوا عَنِ النَّجْوَىٰ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا نُهُوا عَنْهُ وَيَتَنَاجَوْنَ بِالْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَمَعْصِيَتِ الرَّسُولِ وَإِذَا جَاءُوكَ حَيَّوْكَ بِمَا لَمْ يُحَيِّكَ بِهِ اللَّهُ وَيَقُولُونَ فِي أَنفُسِهِمْ لَوْلَا يُعَذِّبُنَا اللَّهُ بِمَا نَقُولُ ۚ حَسْبُهُمْ جَهَنَّمُ يَصْلَوْنَهَا ۖ فَبِئْسَ الْمَصِيرُ)
  • في سورة الأحزاب قال الله تعالى (وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُّبِينًا) كتحذير من أن يفعل المسلم أي شيء يؤذي أخيه المسلم لأن هذا يغضب الله.

ما المقصود بالتناجي

إن إجابة سؤال ما حكم تناجي الإثنين دون الثالث؟ هي النهي، والمقصود بتناجي الذي نهى عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم هو القيام بنفس الأمر ولكن في حضور طرف ثالث يتم اقصائه من الحوار، ويتهامسون بأسرار دون أذنه، مما يشعر أي شخص بعد الراحة والانزعاج.

يعرف التناجي في اللغة بأنه حين يتناجى شخصان يفضي كل منهم بأسراره التي تخصه للآخر ويقوم الطرف الثاني بكتمانه، وقد يفسر أيضًا بتناجي العشاق أي الاعتراف بمشاعرهم لبعضهم البعض، أما قول يناجي الله يعني أن الشخص يتوجه لله في الدعاء والصلاة ويشكي له ما يعاني منه وما يدور في ذهنه في السر والعلانية.

شرح حديث إذا كُنْتُمْ ثَلاثَةً فلا يَتَناجَى اثْنانِ دُونَ الآخَرِ

الهدف من الشريعة وقوائم المحظورات التي توجد في الدين الإسلامي هو صلاح حال المسلم، وتسهيل معيشته قدر الإمكان، لأن الله لم يخلقنا في الدنيا عبثا ولا ليعذبنا، بل إنه أرحم بعباده من الأم والأب، والهدف من هذا الحديث تأليف قلوب المسلمين على بعضهم البعض، ومنع الشيطان من نشب الصراعات وزرع الغل في قلوبهم.

فقد نهى النبي عن تناجي اثنين في حضور ثالث، حتى وإن كانت هذه النجوى في أمور مشروعة ومباحة، لأن هذا يمكن أن يحزن الطرف الثالث، ويدخل الشك لقلبه، والله رحيم بعباده للحد الذي لا يريد للغم والحزن أن يقترب منهم.

كما قد وضح الرسول أن النهي لا يحدث في الجماعة، لأنه يكون مختلطًا بالناس ولا يوجد ما يدعو للريبة والحزن في هذه الحالة، حيث يمكن للطرف الثالث أن يختلط بالناس المحيطين به ولا يحزن أو يضطرب.

متى يجوز التناجي

كما عرفنا من الأحاديث الشريفة والقرآن الكريم ما حكم تناجي الإثنين دون الثالث؟ فإن الكثير من المسلمين يسألون عن جواز التناجي الذي ينهي عنه الرسول، ومتى يكون مقبولا أن يتناجى اثنان دون ثالث؟ وهذا أمر محتمل في حالتين فقط وهم:

  • الحالة الأولى: أن يستأذن الإثنين الذين يرغبان في الحديث من الشخص الثالث أن يتحدثوا على انفراد ويقومون بذلك إذا وافق وسمح لهم.
  • الحال الثانية: حين يكون هناك عدد أكبر في الجلسة فيمكن لاثنين أن يتناجى دون أن يشعر الأشخاص الآخرين بحرج أو ضيق، حيث يمكنهم تجاذب أطراف الحديث فيما بينهم لحين عودة الأطراف المتناجية للحوار من جديد.

كما ورد أن عبدُ اللهِ بنُ عمرَ عندَ دارِ خالدِ بنِ عُقبةَ الَّتي بالسُّوقِ فجاء رجُلٌ يُريدُ أنْ يُناجيَه وليس مع عبدِ اللهِ بنِ عمرَ أحَدٌ غيري وغيرُ الرَّجُلِ الَّذي يُريدُ أنْ يُناجيَه فدعا عبدُ اللهِ بنُ عمرَ رجُلًا حتَّى كنَّا أربعةً فقال لي وللرَّجُلِ الَّذي دعا: استَرْخيا فإنِّي سمِعْتُ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يقولُ: (لا يتناجى اثنانِ دونَ واحدٍ).

ما هي عواقب التناجي

بعد التعرف على ما حكم تناجي الإثنين دون الثالث؟ يلزم فهم ما عواقبه، حيث إن التناجي من الأمراض المجتمعية التي تشعل فتيل الكراهية والفساد بين الناس، حيث يشعر الناس بالنبذ والعداء، ويبدأ الشيطان أن يجد مدخل لنفوس الضعيفة، ويملئ العقل بالأفكار السوداء والحزن، لأن سعادة الشيطان في بؤس بنى آدم.

لأن تكرار هذا السلوك المشين سيقطع الروابط بين الأصحاب ويقض حبال الرحمة والمودة والحب، مما يؤدي لقطع الأرحام المعلقة عند عرش الرحمن ولا داعي لكل هذا، حيث إن لهذه المشكلة حل بسيط هو تأجيل الحوار الذي يريد الإثنين التناجي فيه لوقت آخر، إذا لم يجدوا أطراف أخرى تؤنس وحدة الشخص الثالث.

سؤال ما حكم تناجي الإثنين دون الثالث يجب أن يعرف إجابته المسلم، ويعرف كل هذه الأمور التي تتعلق بآداب التعامل في الإسلام، لتجنب الوقوع في أمر محظور أو حرام.