مرضعة الرسول صلى الله عليه وسلم هي من كرمها الله عز وجل وأنعم عليها بذلك الشرف، حيث كان منتشر في عصر الرسول أن تتم الرضاعة في البادية عن طريق المرضعات ليكتسب الطفل القوة والصلابة.. حيث كانت المرضعة ترافقه إلى عمر معين ثم تعيده لأمه مما أدى إلى أن مرضعة النبي محمد شهدت الكثير من النبوءات الدالة على اصطفاءه من المولى عز وجل.

مرضعة الرسول صلى الله عليه وسلم هي

مرضعة الرسول صلى الله عليه وسلم هي حليمة بنت أبي ذؤيب واسمه الحارث بن عبد الله بن شجنه بن جابر بن سعد بن بكر التي لقبت بحليمة السعدية.. زوجها هو الحارث بن عبد العزى بن رفاعة بن نصر بن سعد من قبيلة بني سعد بكر، وابنها عبد الله بن الحارث ويعد أخو الرسول صلى الله عليه وسلم في الرضاعة.

جاءت مع زوجها إلى مكة وكان لديهم ناقة نحيفة جدًا، فكانت تبحث عن أطفال ترضعهم فكان نساء قريش حصلوا على مرضعات، وتعاني حليمة من نقص اللبن في ثديها، ورفضت جميع المرضعات الرسول صلى عليه وسلم لأنه يتيم فعندما علمت قامت بالذهاب لإحضاره فامتلأ صدرها بالحليب.

تعتبر حليمة السعدية الأوفر حظًا من بين مرضعات الرسول صلى الله عليه وسلم، حيث ذهب إليها وقضى معها خمس سنوات وسكن في صحراء بني سعد فنشأ قوي البنية وفصيح اللسان، وذلك بالرغم من أنها لم تكن المرضعة الأولى له فهي تعتبر ثالث من أرضع رسول الله محمد.

كان من عادات قريش أنهم لم يرضعن أولادهن ويذهبن إلى الرضاعة في خارج مكة، فكانت آمنة بنت وهب بن مناف من سيدات قريش، فهي ذات حسب ونسب، تزوجت من عبد الله بن عبد المطلب وحملت منه بسيدنا محمد أشرف خلق الله.

الجدير بالذكر أن بعد زواجهم خرج عبد الله للتجارة وأثناء عودته مرض وذهب إلى أخواله، وتوفي وهو عمره 25 سنة أثناء حمل زوجته، فكانت طول فترة حملها تقول للناس أنها ستلد سيد الأمم، وولد أفضل الخلق محمد في مكة يوم الاثنين 8 ربيع الأول أو 12 ربيع الأول ويعرف بعام الفيل، الذي أراد فيه أبرهة الحبشي هدم الكعبة.

من هن مرضعات الرسول

بعد ولادة النبي بحث جده عبد المطلب عن مرضعات كثير من البادية لينشأ قوة البنيان، ولكن لم توافق المرضعات لأنه كان يتيم.. بخلاف حليمة السعدية التي منّ الله عليها بإرضاع النبي، فهي لم تكن أول مرضعة للرسول، فقد سبقها عدة تجارب لرضاعته صلى الله عليه وسلم ويمكن بيانهم في الآتي:

1- ثويبة مولاة عمه أبي لهب

كانت جارية في بيت أبي لهب، فأُعتقت عندما أخبرتهم بولادة النبي عليه الصلاة والسلام وكانت ترضع النبي مع عمه حمزة ومسرح بن ثويبة وأبو سلمة بن عبد الأسد المخزومي قامت بإرضاعه بعد رسول الله فأصبحوا أخوة للنبي في الرضاعة، كما تعتبر من أول الناس إيمانًا ببعثة الرسول صلى الله عليه وسلم.

فمكانتها نفس مكانة أمهات الأنبياء، وظل النبي محمد عليه أفضل الصلاة والسلام يصلها حتى وصل إليه خبر وفاتها بعد غزوة خيبر ومات ابنها مسرح قبلها، فقد خفف العذاب علي أبو لهب بسبب عتقه فرحا بميلاد النبي، بذلك تعد ثاني مرضعة الرسول صلى الله عليه وسلم هي ثويبة مولاة عمه أبي لهب.

2- امرأة من بني سعد كانت مرضعة حمزة

هي امرأة من بني سعد قامت بإرضاعه مع عمه حمزة، وبذلك يكون الرسول صلي الله عليه وسلم أخ حمزة في الرضاعة من ثويبة والمرأة السعدية، فتعد رابع مرضعة الرسول صلى الله عليه وسلم هي مرضعة عمه حمزة.

3- أم أيمن مرضعة أم حاضنة

هي بركة الحبشية مولاة عبد الله بن عبد المطلب، فعندما توفي والد النبي أصبحت مولاة للرسول صلى الله عليه، فتلقب بأم أيمن لأنها تزوجت من عبيد بن الحارث الذي قتل يوم غزوة حنين وأنجبت منه أيمن، فهي ليست من مرضعات النبي، فكانت حاضنة له.

حيث أعتقها صلى الله عليه وسلم بعد زواجه من خديجة، كما أعلنت إسلامها بعد البعثة وتزوجت من زيد بن حارثة الذي اعتبره الرسول ابنه وصرح أنه له الحق ليرثه، لكنه أبطل التبني بعد نزول الوحي عليه.. حيث كانت من أوائل الذين بشرهم الرسول صلى الله عليه وسلم بالجنة.

من معجزات الرسول في الطفولة

كان الرسول صلى الله عليه وسلم يلعب مع غلمان، فجاء جبريل عليه السلام وشق صدر الرسول واخرج قلبه ونزع منه السواد حظ الشيطان وغسله بماء زمزم وكانت موجود في إناء مصنوع من الذهب ويسمى هذا بحادث شق الصدر، فخاف الغلمان وذهبوا إلى حليمة السعدية وزوجها وأخبرهم بما حدث، مما جعلهم يقررون إعادة الرسول عليه الصلاة والسلام إلى جده خوفًا عليه وفي هذا الوقت كان عمره خمس سنوات.

إخلاص الرسول صلى الله عليه وسلم لحليمة السعدية

كان الرسول صلى الله عليه وسلم يحب حليمة السعدية ويكرمها، كانت لها مكانة خاصةً عنده، الدليل على ذلك في يوم فتح مكة عندما جاءت أخت حليمة السعدية وسألها الرسول صلي الله عليه وسلم عنها، فأخبرته بوفاتها فبكى الرسول حزنًا عليها وأمر بكسوة لها وأعطاها مئتي درهم.

استمر الرسول في الوفاء لأبناء حليمة السعدية، فحيث عندما حصلوا على غنائم كثيرة بعد الانتصار على هوازن، فأخدت الشيماء بنت الحارث ابنة حليمة السعدية مع الأسرى فرحب بها الرسول صلى الله عليه وسلم، وخيرها بين الرجوع والإقامة عنده واختارت العودة إلى قومها ودخلت الإسلام.

كرم الله مرضعات رسول الله عليه وجعل الله أجرهم عظيم، واستمر الرسول في الوفاء لهم مما يعلمنا الوفاء والإخلاص للبشر.