ما أنواع علم التنجيم؟ وما مشروعيته؟ يعتقد المنجمون أن فهم تأثير النجوم والكواكب على الأرض وما بها من أحداث يُمكن من معرفة ما يحدث مستقبلًا في تأثيرها على مصائر البشر، ورغم أنه من القدم يُنظر إلى كونه علمًا من العلوم إلا أن نظريات العلم الحديث تتعارض معه بأي حال، وفيما يلي نشير إلى أنواعه ومشروعية الاعتقاد فيه في الإسلام.

أنواع علم التنجيم

إن علم التنجيم هو ما يعني بدراسة الحركات والمواقع للأجرام السماوية واعتبارها ذات تأثير على شؤون البشر، ومن الجدير بالذكر أن التنجيم من العلوم الزائفة لأنه يعني بالغيبي، وهذا مما لا شك فيه لا يُعتد به إلا خرافة.

هذا على الرغم من الدور الذي عني علم التنجيم به في تشكيل الثقافات والعلوم الفلكية والرصد الفلكي، أما عن المنجمون فيعتقدون أن مواقف الأجرام السماوية من شأنها التأثير المباشر على الحياة والأحداث الإنسانية، وهو نوع من أنواع التنبؤ المستقبلي.

من الجدير بالذكر أن هناك ما يصل إلى 80 فرع تنجيمي، يمثل المدارس المختلفة التي نادت به، والتقنيات المستخدمة فيها، أما عن أكثر أنواع علم التنجيم شيوعًا فهي:

1- علم تنجيم بالعلاقة

هو شكل من أشكال التنجيم الذي يُستعان به عند ولادة أي فرد، يحدد مدى إمكانية توافقه مع البشر، وكيف سيكون التوافق، لذا هو يعني بالعلاقات الإنسانية، والتي منها الزواج والطلاق وما إلى ذلك.

2- التنجيم الطبي

يعتبر من الفروع القديمة لعلم التنجيم، حيث يعني بربط الأمراض التي يعاني منها الفرد بالأبراج والكواكب، لأن كل علامة تحكم جزءًا من الجسم، وكل كوكب من شأنه التأثير على عضو بعينه.. فيوضح المنجمون أن:

  • كوكب المريخ يرتبط بمستويات الطاقة
  • برج الأسد يحكم القلب
  • المتحكم بهم عطارد لديهم ضربات قلب سريعة

ذلك على سبيل المثال لا الحصر، إلا أنه لا يُعتد به مقياسًا في كل حال، لأن الأمراض لا تجعلنا نذهب إلى المنجمين، بل نذهب إلى الطبيب المختص.

3- التنجيم الدنيوي

يُمكن أن يتنبأ بأحداث العالم، ويعود إلى مئات آلاف السنين، لأن المنجمون في بادئ أمرهم لم يوجهوا إلى أي مخطط فردي، بل كانوا معنيين بما ستؤول إليه الأمم والممالك، فوجهوا أنظارهم إلى العالم بأسره.

4- التنجيم الاختياري

يُطلق عليه “علم التنجيم للحدث” وهو ما يعني باختيار وقت ما وهو الأفضل لمعرفة حدث بعينه، يعتمد الأمر في نظر المنجم على حدث ما في السماء، فعلى سبيل المثال يرى فيه البعض اختيار أنسب التوقيتات للزفاف أو العروض أو الذهاب إلى مقابلة شخصية.. وما إلى ذلك.

5- علم التنجيم هوري

يعزو إلى بدايات التنجيم إلى ما قبل الميلاد، وهو ما يلجأ إليه أحدهم لمعرفة إجابة ما على سؤال يدور في خاطره، وهو نوع متخصص في علم التنجيم يصل إلى درجة عالية من الدقة ولا يُمكن تعلمه بسهولة.

6- تنجيم ناتال

من أكثر أنواع علم التنجيم شيوعًا، لأنه مبنيّ على مخطط الولادة، يُظهر مواضع الأجرام في وقت ومكان ولادة أحدهم، فيمتلك صورة لحياتهم وما يمتلكون، ونقاط القوة والضعف وأشياء من هذا القبيل.

فهو يُطلق عليه “الغوص العميق في الروح” فمن شأنه الكشف عن حال الشخص وشخصيته وأهم صفاته وما سيؤول إليه مستقبله، بالبحث عن علامة الشمس خاصته.

أقسام التنجيم

فضلًا عمّا سبق ذكره في أنواع علم التنجيم، فكنا بصدد الأنواع التي يمارسها المنجمون، إلا أن ما نعني بذكره هاهنا هي الأقسام التي ينقسم إليها التنجيم والتي تؤثر في حكم ومشروعية علم التنجيم، وهما قسمين:

أولًا: علم التيسير

ما يشمل الاستدلال من سير النجوم على الأوقات الدينية كاتجاه القبلة وما إلى ذلك، وهو من الأشياء المطلوبة لا منع فيها، علاوةً على الاستدلال على الجهات من باب الاهتداء في السير، وأيضًا هذا مقبول لا خلاف عليه.

يشمل كذلك الاستدلال على الفصول ومنازل القمر، وكان ذلك محل خلاف بينم الفقهاء فمنهم من أجازه ومنهم من جعله مكروهًا، وبين هذا وذاك فلا يترتب عليه أي إضرار بالبشر بل فيه نفع بيّن.

ثانيًا: علم التأثير

يعني الاعتقاد بأن النجوم من الأسباب في حدوث الشر أو الخير، وهو من الشرك الأصغر.. كما أن هذا العلم جعل النجوم سببًا في معرفة الغيب من خلال الاستدلال بحركاتها وتغيراتها، وفي هذا خروج عن الملة لأن الاعتقاد بذلك منافي للشريعة الإسلامية.. أما الاعتقاد بأن النجوم ذات تأثير فاعل في الحوادث والأشياء فهذا من قبيل الشرك الأكبر لأنه ينطوي على ادعاء وجود خالق غير الله.

حكم التنجيم والاعتقاد بتأثير الأبراج

لا يجوز أن يُطالع المسلم كتب الأبراج ولا يتصفح فيها بحجة أنها ذات تأثير على حياته وأن علم التنجيم كغيره من العلوم، حيث إن الكواكب والنجوم من آيات الله تعالى التي تدل على قدرته وحده، وقد سخرها الله بأمر منه وجعل فيها منافع لبني البشر.

إذًا في حكم ومشروعية علم التنجيم نجد أنه غير جائز لأنه يعد من قبيل الخرافات والمضار، ويستحيل أن يكون للأبراج التي خلقها الله دلالة على عظمته تأثيرًا في نفع الإنسان أو إضراره.

غنى عن البيان أن ما من شيء حرمه الله سبحانه وتعالى إلا وضرره أكبر من نفعه، وأما ما يخفى من أسباب غيبية لا يجب أن يعلمها العبد ولا يرغب في الاطلاع عليها، فليعرف فقط ما تكلف بمعرفته.

على أن السحر محرم مصداقًا لقول الله تعالى في قرآنه الكريم وما ورد في سُنة نبيه محمد صلى الله عليه وسلم، أما عن علم التنجيم فهو من قبيل السحر، لأن السحر أنواع، منه ما يؤول إلى الاستدلال بحركات النجوم، ومنه ما يكون عمليًا كالطلاسم وما إلى ذلك.

أما عن المنجم أو العراف فهو من يتكلم في الغيبيات، ومن يصدقه من المسلمين فإن صلاته لا تُقبل لمدة أربعين يومًا، هذا ما وُرد في صحيح مسلم في حديث عن رسول الله، من هنا فإن من يصدقه يُعد كافرًا لأن التصديق يجعله يراه أنه هو المدبر، فيجعله شريكًا لله والعياذ بالله.

موقف الإسلام من علم التنجيم

يضع الفقه الإسلامي مبادئ توجيهية في العموم، وكان الموقف الذي يتخذه الإسلام من التنجيم منقسمًا إلى الجائز وغير الجائز، إلا أن الأرجح في قول جموع الفقهاء وفقًا لما ورد في الكتاب والسنة أنه مُحرم.

حيث إن علم التنجيم يتعارض مع المبادئ الأساسية التي يدعو إليها الإسلام، لأنه يتدخل في المصير والأحداث الغيبية، وما يُثبت أن علم التنجيم حرام في القرآن الآية الكريمة من سورة المائدة:

حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ وَالْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ وَالْمُتَرَدِّيَةُ وَالنَّطِيحَةُ وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ إِلَّا مَا ذَكَّيْتُمْ وَمَا ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ وَأَنْ تَسْتَقْسِمُوا بِالْأَزْلَامِ ۚ ذَٰلِكُمْ فِسْقٌ ۗ” (3).

فالله وحده من يعلم الغيب، ولا أحد غيره، وفي الادعاء بأن هناك من يكون بإمكانه علم الغيب ولو بأمر بسيط هو من سوء الأدب مع الله.

أضرار الاعتقاد في التنجيم

معلمُ أن الله سبحانه وتعالى لم يحرم شيئًا إلا وكان فيه من الضرر ما يؤذي النفس ويرهقها، فإن سلطنا الضوء على المضار الناتجة من الإيمان بعلم التنجيم يعنينا أن نذكر ما يلي:

  • بسبب اعتقاد ما وفقًا للتنجيم في اليابان لجأت النساء إلى الإجهاض والذي وصل إلى نصف مليون حالة مجهضة.. حتى لا يلدن فتيات لن يتزوجن وفقًا لمعتقدان اليابانيين المنجمين.
  • من يؤمن بما يقوله المنجمون سيكون ذلك جزءًا من قراراته في العمل والعلاقات كافتها، الأمر الذي يُخلف كوارث شتّى لا يستطيع حصرها.
  • يؤثر العلم الزائف على العقلية والتفكير بالسلب، مما يعني أن الناس ينجرفون وراء شيء دون إعمال للعقل الذي وهبهم الله إيّاه.
  • يعتبر التنجيم مهددًا مباشرًا للمستوى التعليمي والتطور الحادث فيه.

الفرق بين علم التنجيم وعلم الفلك

كما تطرقنا إلى أنواع علم التنجيم وحكمه ومشروعيته نذكر إيجازًا الفارق بينه وبين علم الفلك:

  • علم الفلك: يدرس الكون ومكونات الغلاف الجوي للكوكب، وقد تطور بعد اختراع التلسكوب ويعني بقوانين الحركة والجاذبية، وحركة الملاحة وملاحظة الأجرام السماوية.
  • علم التنجيم: يدرس التأثيرات الناتجة عن الظواهر الكونية على حركة البشر وأحداثهم.

ما علم التنجيم بكل ما يرتبط به إلا ظلمات تتنافى مع العقل الراجح والدين القيّم، حيث تجعل نفس المؤمن عُرضة لاتباع الهوى والوقوع في دائرة الشرك والعياذ بالله.