من قال فاطمة سيدة نساء أهل الجنة؟ وما سبب تلك التسمية؟ حيث تعتبر فاطمة من أهم الشخصيات الإسلامية في التاريخ، نظرًا لمواقفها المتعددة، وسيرتها الحسنة، لذلك في هذا الموضوع سنتعرف على كل ما يتعلق بها، وما سبب أنها من ضمن نساء أهل الجنة ومن قال ذلك.

من قال فاطمة سيدة نساء أهل الجنة

السيدة فاطمة الزهراء رضي الله عنها التي استمر من خلالها نسل الرسول، وأحب الناس إلى قلبه من أهل بيته فإذا دخلت عليه قبّلها على رأسها وأجلسها في مجلسه تكريمًا لها حيث قال صلى الله عليه وسلم: (فاطِمَةُ بَضْعَةٌ مِنِّي، فمَن أغْضَبَها أغْضَبَنِي)، كما أنه كان يكره ما تكرهه.

فقد ثبت على من قال فاطمة سيدة نساء أهل الجنة ما ورد عن الرسول أنه قال:

«فاطمة سيدة نساء العالمين من الأولين والآخرين، وإنّها لتقوم في محرابها فيسلم عليها سبعون ألف ملك من المقربين، وينادونها بما نادت به الملائكة مريم فيقولون: يا فاطمة إنّ الله اصطفاك وطهّرك واصطفاك على نساءِ العالمين».

فهذا يؤكد حقيقة ثابتة هي رفعة منزلتها عند الله مما نتج عنها السلام عليها من سبعين ألف ملك وذلك لأمر جليل لا يناله إلا المطهرون حيث ينادونها الملائكة مثلما نادوا مريم الصديقة قبلها ودون غيرها بأن الله قد اصطفاها وطهرها على كل نساء العالمين.

حياة السيدة فاطمة الزهراء

وُلدت السيدة فاطمة قبل بعثة النبي بخمسة سنوات في العام الذي تم إعادة بناء الكعبة فيه، تزوجت فاطمة من علىّ بن أبي طالب ابن عم الرسول صلى الله عليه وسلم، ورزقت منه من الأبناء (الحسن والحسين ومُحسن) ومن البنات (زينب وأم كلثوم)، تميزت السيّدة فاطمة بشجاعتها منذ الصغر.

حيث رأت أبا جهل وهو يلقي الأحشاء على ظهر سيدنا محمد وهو يُصلّي في المسجد الحرام، فأزاحتها بسرعة وهي تبكي بحرقة على أبيها، ذهبت إليهم ووبختهم، فقد كانت تقول دائمًا للرسول (أنا أنصرك يا أبتاه) رغم كونها فتاة صغيرة في السن ضعيفة لا تقوى على ذلك لكن تنبع كل تلك الإرادة من دافع مساندة أبيها وخوفها عليه.

تميزت أيضًا بكونها الأشبه لرسول الله، فقد أطلق عليها لقب الزهراء لما له من دلالة على المرأة المشرقة البيضاء وتم اعتماد هذا اللقب عليها لمشابهتها لأبيها في جماله وحُسن وجهه، فعن أنس بن مالك رضي الله عنه- أنّه قال:

(كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَزْهَرَ اللَّوْنِ).

كما تماثلت مع والدها في الخشوع والهدوء والسكينة وحسن الخلق وطيب الكلام، كما كانت رضي الله عنها أكثر الناس صبرًا؛ حيث عاصرت وفاة أمها حينما كانت صغيرة، ثم فقدانها لأخواتها رقيُة، فأم كلثوم ثم زينب.

لقبت السيدة فاطمة أيضًا (فاطمة أم أبيها)؛ حيث كانت أكثرهن اهتمامًا بالرسول ورعاية له ولما كان يرى من شدة حبها لوالدها صلى الله عليه وسلم للحد الذي جعله يطلق عليها أم أبيها، كما لقّبت (فاطمة البتول) حيث انقطعت عمن حولها من النساء وما يشغلهن من أمور الدنيا وانشغلت بأمور الآخرة عِوضًا عنها وتفرّغت لعبادة الله ورضاه.

ففي فضل من قال فاطمة سيدة نساء أهل الجنة قول النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم: (إنَّ هذا مَلَكٌ لم ينزِلْ الأرضَ قطُّ قبلَ اللَّيلةِ، استأذَنَ ربَّه أن يُسلِّمَ عليَّ ويُبشِّرَني بأنَّ فاطمةَ سيِّدَةُ نساءِ أهلِ الجنَّةِ، وأنَّ الحسنَ والحُسَينَ سَيِّدا شبابِ أهلِ الجنَّةِ)، وذلك ما توصلنا إليه في إطار تعرفنا على من قال فاطمة سيدة نساء أهل الجنة.

يستدل من هذا الحديث أن ملك من الملائكة الكرام هو من بشّر الرسول صلى الله عليه وسلم بعدما استأذن ربه بأن يسلم عليه ويبشره بأن ابنته فاطمة هي سيدة نساء أهل الجنة، فما أروعها من بشرى! لم تقتصر البشرى على هذا الحد فقط بل أن ولديها الحسن والحسين سيكونان سيدا شباب أهل الجنة.

سيدات نساء الجنة

لقد عدّ النبي ابنته فاطمة فكانت أفضل نساء الأرض، لكن من قال فاطمة سيدة نساء أهل الجنة وحدها، فهل كانت الوحيدة من نساء العالمين؟ قد ورد في حديث أنس بن مالك -رضي الله عنه- أنّ النبيّ قال: (حُسْبُكَ من نساءِ العالمينَ مَرْيَمُ ابنةُ عِمْرانَ وخديجةُ بنتُ خُوَيْلِدٍ وفاطمةُ بنتُ مُحَمَّدٍ وآسِيَةُ امرأةُ فِرْعَوْنَ)، لذا نتطرق بالحديث إلى حياتهن:

1- السيدة مريم العذراء

هي مريم بنت عِمران وأم المسيح عيسى، ولدت يتيمة حيث كانت أمها لا تستطيع تربيتها نظرًا لكبر سنها، فتسابقوا على من يكفل مريم برمي أقلامهم في مجرى النهر وآخر قلم يبقى في النهر دون الانجراف فهو من يكفلها ووقف قلم زكريا رغم أنه لم يكن آخر قلم إلا أنه وقف تمامًا في النهر، وتم تكرارها أكثر من مرة بنفس النتيجة.

نشأت مريم وهي فتاة عابدة زاهدة يحيطها الله بلطفه، كلما زارها زكريا وجد عندها رزقًا ويتعجب حيث إنه كافلها فيدري ما يمددها به، وعندما يسألها تقول:

نَّ اللَّهَ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ).

ذكرها القرآن في أكثر من موضع حتى أن القرآن يحتوي على سورة باسمها، اصطفاها الله على نساء العالمين لمعجزة وهي ولادتها لعيسى عليه السلام بدون رجل، واجهت السيدة مريم العديد من المصاعب التي حيث جاءها المخاض إلى جذع النخلة وهي وحيدة حتى وصل الأمر بها أن تتمنى الموت، إلا أن الله لا يترك ابدًا من يلجأ إليه فأحاطها برحمته الواسعة.

تميزت السيدة مريم باكتسابها مرتبة الصديقية، فالصّديقون هم أتباع الرسل الذين اتبعوهم، والصديقية تعتبر من أعظم المراتب عند الله حيث تأتي بعد النبوّة مباشرة، قال الله تعالى:

(مَّا الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ وَأُمُّهُ صِدِّيقَةٌ كَانَا يَأْكُلَانِ الطَّعَامَ انظُرْ كَيْفَ نُبَيِّنُ لَهُمُ الْآيَاتِ ثُمَّ انظُرْ أَنَّى يُؤْفَكُونَ).

2- السيدة خديجة بنت خويلد

أم المؤمنين وأولى زوجات الرسول وهي أول من آمن به عندما نزل عليه الوحي، فقد تزوجها النبي قبل نزول الوحي عليه بخمسة عشر عامًا، وأنجبت منه من البنات (زينب، رقيّة، أم كلثوم ثم فاطمة الزهراء) ومن الأولاد (القاسم وعبد الله) لكنهما ماتا صغارًا.

دائمًا ما كانت تثبت النبي وتقف بجانبه وتخفف عنه بينما الجميع يهاجموه ويكذّبوه، فقد جمع الله بينها وبين السيدة مريم في الخيرية حيث قال الرسول: (خَيرُ نِسائِها مَريمُ بِنتُ عِمرانَ، وخيرُ نِسائِها خَديجةُ بِنتُ خُوَيْلِدٍ)، تميزت السيدة خديجة بعفّتها وطهارتها حتى لقّبت (بالطاهرة) في كنف مجتمع يملؤه البغي والفواحش، كما عرفت بحكمتها وفطنتها كسياستها في تسيير أمور تجارتها.

فلقد قرأ عليها الله السلام حيث ورد عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال:

(أتى جبريل النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله، هذه خديجة قد أتت معها إناءٌ فيه إدامٌ أو طعامٌ أو شرابٌ، فإذا هي أتتك فاقرأ عليها السلام من ربها ومني، وبشرها ببيتٍ في الجنّة من قصبٍ لا صخبٍ ولا نصبٍ).

3- السيدة آسية امرأة فرعون

آسية بنت مُزاحم زوجة فرعون التي التقطت سيدنا موسى عليه السلام من اليم وآمنت به، ذكرها القرآن قدوة عظيمة للمؤمنات حيث قال تعالى:

(وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِلَّذِينَ آمَنُوا امْرَأَةَ فِرْعَوْنَ إِذْ قَالَتْ رَبِّ ابْنِ لِي عِنْدَكَ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ وَنَجِّنِي مِنْ فِرْعَوْنَ وَعَمَلِهِ وَنَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ).

لم تؤمن آسية بألوهية زوجها فرعون ولم تهيم بالقصور ونعيم الدنيا، فعذبها زوجها لكفرها به بأشد ألوان العذاب لكنها لم تيأس من رحمة الله وصبرت حتى الموت، فتلك المرأة التي جعلها الله سببًا في إنقاذ نبيه موسى.

اصطفاها الله بالكمال حيث ذُكر عن الرسول (كَمَلَ مِنَ الرِّجَالِ كَثِيرٌ، وَلَمْ يَكْمُلْ مِنَ النِّسَاءِ: إِلَّا آسِيَةُ امْرَأَةُ فِرْعَوْنَ، وَمَرْيَمُ بنْتُ عِمْرَانَ، وإنَّ فَضْلَ عَائِشَةَ علَى النِّسَاءِ كَفَضْلِ الثَّرِيدِ علَى سَائِرِ الطَّعَامِ) لقد اصطفاها الله بالكمال وهي صفة اجتمعت في الرجال دون النساء، لكن الله منّ على امرأتين بتلك الصفة لفضلهنّ وما تحملنّه من عذاب وعواقب لا مثيل لها.

تلك نسوة تحملن ما ابتلهن الله به ولم يجزعن من الصبر ولم تكن الدنيا مطمعهن فلقد علمن أنه لمطمعٍ زائل وما عند الله هو خيرٌ وأبقى، فجزاهن الله خير الجزاء.