من يباح له الفطر في رمضان ويجب عليه الكفارة؟ ومن يباح له الفطر في رمضان مع وجوب القضاء؟ وما هي كفارة إفطار رمضان؟ كثيرٌ من الرخص التي تعطيها الشريعة الإسلامية السمحة في العبادات المفروضة، تخفيفًا على المسلمين إن استتبعت إحدى تلك العبادات مشقة وهلاك، وفيما يلي يسعنا أن نتطرق إلى مثالًا بيّنًا عن ذلك الترخيص.

من يباح له الفطر في رمضان ويجب عليه الكفارة؟

قال الله تعالى في سورة البقرة: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ. أَيَّامًا مَعْدُودَاتٍ فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ فَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ…

… شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآَنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ” (الآيات 183 إلى 185).

إن الصيام من أعظم العبادات وأجلها وأكثرها فضلًا، يطهر النفس ويزكيها عن المعاصي والآثام، كما أنه يهذبها على فعل الطاعات وصالح الأعمال، كذلك هو أحد الأركان الخمس التي بُني عليها الإسلام، لذا فكان فرضًا على كل مسلم قادر عاقل بالغ.

نستنبط من تلك الشروط أنه هناك من الحالات التي لا تتوافر فيها القدرة أو الاستطاعة، فتقع تحت تيسير الشريعة السمحة، ليكون لها الفطر في رمضان مباحًا شريطة أداء الكفارة، وهي من الرخص التي منحها الإسلام لبعض الاستثناءات.

معنى إباحة الفطر مع أداء الكفارة أنه لا يشترط على من يؤديها أن يقضي الأيام التي أفطرها، فيعوض صيامه مرة أخرى قبل رمضان التالي، فهنا يتم الاكتفاء بدفع الكفارة فحسب، وتلك الحالات هي:

1- كبر السن والهوان

الرجل الذي بلغ من العمر أرذله، فنال منه الهوان والمرض ما نال، ولم يكن لديه من الطاقة ما تخول له القدرة على الصيام والامتناع عن الشراب والطعام، بل من الممكن أن يتسبب الصيام في مضار بجسده الضعيف.. هنا لا حرج عليه أن يُفطر في رمضان على أن يدفع الكفارة دونما أن يقوم بالقضاء.

2- اشتداد المرض وديمومته

المريض بشكل مزمن ودائم -لا مرض مؤقت يُمكنه القضاء وقتها يُكتب له الشفاء- فالمرض المستمر هو الذي لا يضمن له شفاء ودواء في القريب العاجل، على سبيل المثال مرض السرطان، الذي لا يستطيع صاحبه أن ينقطع عن تناول الماء وتلقي العلاج طوال اليوم، من هنا ليس على أولئك حرج في الإفطار في رمضان، شريطة دفع الكفارة.

3- العجز أو الإعاقة

من لديه عجز أو إعاقة معينة تمنعه من أداء العبادات ومنها الصيام، فيكون مرخصًا له إفطار رمضان مع دفع الكفارة، لأن الله تعالى قال في سورة البقرة: “وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ“.. وتلك هي الحكمة من تحديد بعض الفئات ممن يباح لهم الفطر في رمضان ويجب عليهم الكفارة.

كفارة إفطار رمضان

في الشرع الصيام هو الامتناع عن مفسدات الصوم كافة لا الطعام والشراب فحسب، ويكون من طلوع الفجر إلى غروب الشمس، على أن النية من أهم شروط الصوم، تعني باستحضار القلب والجوارح للعزم على اتباع منهاج الصيام، تمسكًا من المرء بأجره وفضله وجزائه العظيم.

علمنا من يباح له الفطر في رمضان ويجب عليه الكفارة وبقي لنا أن نعلم قيمة تلك الكفارة، حيث تكون إطعام مسكين لكل يوم تم الإفطار فيه، بما يعادل 750 جرام من الأرز أو غيره مما يعد من قوت البلد المتعارف عليه.

لمزيد من التوضيح نذكر أن تلك الكفارة واجبة على من لا يستطيع صيام ما أفطره في رمضان فيما بعد، إلا أن الحالات التي وجب عليها القضاء دون الكفارة فإنه في حالة التخلف عن ذلك القضاء في موعده دون وجود عذر لذلك فيجب دفع الكفارة حينئذٍ والتوبة إلى الله عن ذلك التسويف.

من يباح له إفطار رمضان مع وجوب القضاء؟

من باب التهوين والتيسير الذي جاء في الشريعة الإسلامية أن هناك من الفئات من يباح لهم الفطر في رمضان شريطة أن يقوموا بقضاء الأيام التي أفطروها، عند زوال المسبب الذي جعلهم لا يقدرون على الصيام، وهنا لا يتطلب الأمر دفع الكفارة، مما يختلف مع من يباح له الفطر في رمضان ويجب عليه الكفارة.. وتلك الحالات هي:

  • في حال حدوث أمر ضروري وشاق لا يجب معه الصيام وإلا تعرض المرء إلى الضرر والهلاك.. والله أعلم بالنوايا بطبيعة الحال، كمن أفطر بسبب إنقاذه لغريق.
  • يُمكن للمسافر الذي يعاني من مشقة السفر أن يفطر رمضان شريطة حدوث الضرر على عاتقه إن صام.. على أن مسافة السفر التي تبيح الإفطار هي “أربعة بُرُد” التي تقدر بالأميال 48 ميل، وبالفرسخ 26، ما يعادل السير لمدة يومين، مما يقرب 83 كيلو متر وما يزيد، سواء كان هذا السفر يتزامن مع المشقة أم لا.
  • للمرأة المرضع رخصة الإفطار في رمضان مع تعويض تلك الأيام فيما بعد، إن كان في الصيام مشقة لها فلا تقوى بذلك على إرضاع طفلها.
  • الحامل التي تخشى على نفسها وجنينها إن هي صامت في رمضان، لها أن تفطر في فترة الحمل خاصة إن كانت تعاني من الوهن.
  • لا يجوز للمرأة من الأساس الصيام في حالة الحيض والنفساء، وفي تلك الحالات يجب تعويض أيام الصيام قبل الدخول في رمضان التالي.
  • عند الإغماء ليوم أو أكثر في رمضان يستوجب القضاء بعد انقضاء المرض.

إن رمضان هو شهر العتق من النار، وصيامه فرض على المسلمين كافتهم طالما توافر شرط القدرة والبلوغ والرشد، إلا أن هناك من التيسير السمح على بعض الفئات، منعًا للتهلكة.